اا – اللغــــة الكرطغرافيـــــة:
1- التوطن والرسم: إن المعلومات التي تنقلها إلينا
الخريطة تتركب من عنصرين اثنين هما: التوطن الجغرافي للمعطيات، ونظام العلاقة الموجودة
بين هاته المعطيات. ويستنتج من هذا التركيب عمليتان اثنتان تعتبران القاعدة
الأساسية لكل لغة كرطغرافية وهما التوطن والرسم.
أ ـ التوطن Implantation: قبل القيام باختيار نظام تمثيل المعطيات لا بد من دراسة توطناتها
في المجال. والتوطن في هذه الحالة هو تسجيل وتثبيت المواقع الجغرافية للمعطيات على
الخريطة. فكما هو معلوم فإن الخريطة ما هي إلا تمثيل لقطعة من مجال ملموس، وكل
نقطة فوق سطح هذا المجال إلا وتحدد بتلاقي خط الطول مع خط العرض (x et y)، وعلى هذا الأساس يمكن أن يكون نظام التوطن إما
نقطيا أو خطيا أو مساحيا. فعندما يتعلق الأمر بنقطة واحدة معلمة في المجال ومحددة
على الوثيقة بخط عرض واحد (1x) وخط طول واحد (1y) فإننا
نكون بصدد الحديث عن التوطن النقطي Impl. ponctuel أما التوطن الخطي Impl. linéaire فيحدد بخط يربط نقطتين في المجال، أي أنه محدد
على الوثيقة الكرطغرافية بخطي طول اثنين وخطي عرض اثنين (2x et 2y). وأخير التوطن المساحي Impl. zonale الذي يعبر عن قطعة من المجال محدد على سطح الأرض
بنطاق (إطار) مرئي، هذا النطاق يمثل ويظهر حدود التوسيع الحقيقي لمعطى فوق المجال
ومحددا على تصميم الخريطة تبعا لعدة نقاط (ثلاثة على الأقل) مرتبطة ببعضها بخطوط.
ب ـ الرسم Figuration: الرسم أو التصوير هو عملية تتطلب إنجاز تمثيل بياني للمعطى، وذلك
عن طريق رسم مجموعة من الرموز والصور (Figures) ويعتبر هذا التعبير عنصرا أساسيا في ميدان سيميولوجية الخرائط
بحيث يختاره الكرطغرافي لتمثيل معطى أو ظاهرة أو مفهوم اعتمادا على عناصر بسيطة
يمكن أن تكون عبارة عن نقطة أو خطوط.
إن اختيار الرموز الكرطغرافية يجب أن يكون بطريقة تظهر جليا توطناتها ونظام
العلاقة التي توجد بين المعطيات المعبرة عنها. وتختلف الرموز فيما بينها اعتمادا
على هاتين الميزتين، فالرموز النقطية تطلق على تمثيل بياني بنطاق Contour (محيط وحدود) هندسي (دائرة، مربع، مثلث) أو تعبيري يمثل الشكل الحقيقي
للمعطى أي ما يسمى بالصور الموحية، وتخطيط هذا النطاق يعبر عن معطى وليس عن مكان
أو حدود منطقة. أما الرموز الخطية فهي حينما يكون التمثيل البياني له محيط و نطاق
يعبر عن معطى وليس عن مكان أو حدود منطقة ويرسم تبعا لمحور يربط نقطتين. وأخيرا
نجد الرموز المساحية التي تتميز بمظهر وبنية قادرة على ملئ مساحة بصفة كاملة
وموحدة، وهذه المساحة محددة إما بحدود طبغرافية أو بنطاق اصطلاحي يمثل معطى معين.
2- المتغيرات البصرية وتنظيمها : يتمكن
الكرطغرافي من التعبير عن نظام العلاقات التي توجد عليها المعطيات بواسطة متغيرات
بصرية تتميز بخصائص واستعمالات متعددة، وتنتظم أمام حاسة البصر بطرق خاصة. هذه
المتغيرات هي عبارة عن وسائل بيانية أو بصرية تظهر تلك الروابط الموجودة بين المعطيات
عن طريق رموز مختلفة. وتوجد على الأقل ستة إمكانيات لمتغير الرمز وهي: الحجم Taille، القيمة Valeur، الشكل Forme التوجيه Orientation، الحدة Grain
وأخيرا اللون Couleur.
أ ـ خصائص المتغيرات البصرية:

* القيمة: هو متغير الكثافة من الأبيض إلى
الأسود، أي من الفاتح إلى الداكن وله خاصية تنظيمية كبيرة وقدرة انتقائية عالية.
وفي حالة وجود قيمات كبيرة جدا ومتعددة نلجأ إلى طريقة العتبات Seuils بعد التفكير في الأرقام التي تكون لهذه العتبات.

* التوجيه: هذا المتغير يوجه الرمز نقطيا كان أم
خطيا أم مساحيا نحو جميع الاتجاهات "عمودية، أفقية، مائلة"، وكل الرموز
توجه باستثناء الدوائر التي لا ينطبق عليها هذا المتغير إلا في حالة رسم محور لها.
ومن الأحسن أن نعتمد ثلاثة أنواع من التوجيهات أو أربعة كأقصى حد، لأنه في حالة
التعدد يصعب كثيرا تحديد الزاوية التي يشكلها ميل رمز معين مع الخط العمودي.
* الحدة: يعبر هذا المتغير عن كمية الخطوط أو
النقط التي تملأ الرموز النقطية أو الخطية أو المساحية، وذلك بعد تكبيرها أو
تصغيرها في إطار قسيمة معينة دون إدخال أي تغيير على قيمتها. وتتراوح الحدة بين
التركيب البنيوي المنعدم أو الحدة المنعدمة Grain nul، وهي حالة ازدحام العناصر لدرجة
عدم رؤيتها بالعين المجردة (سواد 100%) والتركيب البنيوي الجيد أو الحدة
القصوى وهي الحالة التي يتعاقب فيها السواد والبياض أكثر من مرة في وحدة كرطغرافية
معينة.
* اللون: تتشكل بموجبه الرموز الكرطغرافية بألوان مختلفة
تطبع حاسة البصر حسب ذبذبة كل لون. وتتركب الألوان من ألوان أولية وألوان أساسية
وألوان ثانوية.
ــ الألوان الأولية هي
الأحمر والأصفر والأزرق وهي التي تتركب منها كل الألوان الأخرى.
ــ الألوان الأساسية وهي
الألوان الناتجة عن اختلاط الألوان الأولية فيما بينها :
أزرق + أصفر= أخضر، أزرق +
أحمر= بنفسجي، أصفر + أحمر = برتقالي.
ــ الألوان الثانوية : وهي ناتجة عن جميع التركيبات الأخرى.
ومن
خصائص اللون أنه متغير قوي يطبع النظر بصور مختلفة باختلاف الألوان. وهذا الطابع
البصري هو خاضع لطول الذبذبة الخاصة بكل لون. ومن خلال التحليل الفيزيائي للطيف
الضوئي يتبين أن الألوان الباردة أقل ذبذبة وبالتالي أقل رؤية من الألوان الحارة.
اتجاه + (ألوان حارة) اتجاه ـــ (ألوان باردة)
![]() |
|||
![]() |
|||
تحت
الحمراء IR
|
أحمـــــــر
(R)
|
برتقالـــي
(O)
|
أصفــــــر
(J)
|
أخضـــــر
(V)
|
أ
ز ر ق
(B)
|
بنفسجي
(VI)
|
فوق
البنفسجي
(UVI)
|
800
|
700
|
600
|
|
500
|
400
|
|
طــول الذبذبــة
كلما
ازدادت مدة الذبذبة كلما كانت قوة البصر كبيرة؛ فاللون الأصفر أقل الألوان روحا
على الورق الأبيض وهو الذي يتوسط الطيف الضوئي، ولذا يمكن استعماله تارة في اتجاه
+ وتارة أخرى في اتجاه ــ. فنحو زائد (+) تسمى الألوان بألوان حارة ونحو ناقص (ـ)
تسمى بألوان باردة.
ب
ـ تنظيم المتغيرات البصرية: تنتظم
المتغيرات البصرية أمام حاسة البصر حسب تنظيمات خاصة وهي كالتالي: تجميعية Associative، انتقائية Selective تنظيمية Ordonne، وكمية Quantitative.
* الرؤية
التجمعية(≡): تسمى
كذلك عندما تبرز الرموز متشابهة لا فرق فيها بين دوائر ومربعات ومثلثات؛ كما أن
العين ترى الرموز بنفس القوة أو الضعف في حالة الابتعاد أو الاقتراب من الخريطة.
والهدف من استعمال الرؤية التجمعية هو البحث عن التجانس بين الرموز في حالة
الخرائط المستعملة لمركبات موضوعية متعددة حيث كل مركب له أجزاء، مثلا المركب هو
الغابة وأجزائه هي أنواع الأشجار. والجدير بالذكر أن كل المتغيرات تجمعية باستثناء
القيمة والحجم لأنهما لا يسمحان بظهور الرموز المتجانسة.
* الرؤية الانتقائية (≠): تستطيع العين أن تعزل تلقائيا مجموعة من الرموز
دون أن تتكلف عناء كبيرا، فقد تعزل مجموعة من الرموز الأفقية أو المائية أو مجموعة
سوداء وأخرى بيضاء أو مجموعة ألوان باردة وأخرى حارة...إلخ. فواضع الخريطة إذا،
يعتمد مستوى قراءة انتقائية عندما يكون هدفه هو إظهار وتباين عناصر متعددة من مركب
واحد، حيث يظهر الرموز مختلفة وبطريقة تلقائية. مثل: المركب هو الغابة وعناصره هي
أشجار البلوط، الأرز والصنوبر.
إن جميع المتغيرات انتقائية باستثناء الشكل والتوجيه في التوطن المساحي.
*
الرؤية التنظيمية (O): حيث تنتظم
الرموز بطريقة تلقائية وعالمية. تلقائية لأنها لا تحتاج إلى التدقيق في الرموز
واحدا واحدا لتنظيمها، وعالمية لأن العين تعرف أن هذا الرمز يرتب قبل هذا وبعد
الآخر. إن القراءة
التنظيمية بطريقة عالمية نلاحظها بشكل منطقي في حالة متغيرات القيمة، الحدة والحجم
وكذلك اللون (إذا أضيفت القيمة). في حين لا يمكن أن يكون هناك تنظيما في حالة
متغيرات التوجيه والشكل واللون وحده.
* الرؤية الكمية (Q): عندما تستطيع
العين أن ترى تلقائيا أن رمزا معينا يشكل ربع أو نصف رمز آخر، آنذاك تكون الرؤية
كمية. ومن هنا يتبين أن متغير الحجم هو المتغير الكمي الوحيد. ورغم أن العين ليست
لها الدقة العددية الكافية لمعرفة أهمية
حجم معين بالنسبة لحجم آخر؛ ولكنها ترى بوضوح كمي أن المربع الأول مثلا لا يشكل
نصف المربع الثاني أو عشره وإنما الربع تقريبا. ومن أجل قراءة كمية دقيقة، لا بد
من وضع وحدة قياسية مرقمة في المفتاح لكي يتمكن القارئ من معرفة الكم الحقيقي
ومقارنته.
جدول
يبين مستوى تنظيم المتغيرات البصرية.
التوطن
المتغيرات
|
نقطي
|
خطي
|
مساحي
|
الشكل
|
≡ ≠
|
≡ ≠
|
≡
|
التوجيه
|
≠ ≡
|
≡ ≠
|
≡
|
اللون
|
≠ O (مع القيمة)
|
≠ O (مع القيمة)
|
≠ O (مع القيمة)
|
الحدة
|
≠ O
|
≠ O
|
≠ O
|
القيمة
|
≠ O
|
≠ O
|
≠ O
|
الحجم
|
≠ O Q
|
≠ O Q
|
≠ O Q
|
3- التعميــــم Généralisation :
التعميم هو
تبسيط الصورة بإدخال تعديلات على إحدى أو مجموعة من عناصرها. فهو إذا تصور آخر
للمظاهر الجغرافية الحقيقية. والتعميم ليس تكبيرا أو تصغيرا بل هو حذف نسبي في
إطار العلاقات الموجودة بين الأشياء اعتمادا على قاعدة أساسية في الجغرافيا، وهي
أن الأهمية ما هي إلا نسبية. بحيث أن المظهر الكبير قد لا تكون له نفس الأهمية
التي يتخذها المظهر الصغير.
= قواعد التعميم: يعتمد التعميم على ثلاث قواعد
أساسية وهي الإنتقاء، التبسيط والإنسجام.
v
الانتقاء Sélection : هي أول مرحلة يستهل بها العمل
الكرطوغرافي، سواء خلال مرحلة التفكير في العناصر التي يجب أن تمثل فوق خلفية
الخريطة أو عند تحرير المفتاح. والانتقاء لا يتم بصفة عشوائية بل يخضع دائما لفكرة
القيمة، حيث نضع دائما تساؤلا أوليا: ما هي قيمة الشيء المراد تمثيله؟ ومن ثم فإن
لكل شيء ثلاث قيمات:
§
قيمة الشيء
الذاتية: أي مدى ارتباط الشيء مع الموضوع؛
§
قيمة الشيء
كمرجع: أي مدى أهمية المظهر في توطين المظاهر الأخرى؛
§
قيمة الشيء
النسبية: قيمة المظهر بالنسبة للمظاهر الأخرى الشبيهة به.
v
التبسيط Schématisation: هو تسهيل المعطيات المراد رسمها
طبيعية كانت أم بشرية. فبدل الاحتفاظ بالتفاصيل والجزيئات الموجودة في الطبيعة،
فإننا نبسطها لتكون وحدة أو مجموعة (مثلا: تبسيط الصخارة والتطبق في الرسم
المورفوبنيوي)
v
الانسجام Harmonisation: هو عملية يقصد منها الحفاظ على
العلاقات في المجال بين مختلف الأشكال الممثلة. صحيح أننا نفكر دائما في الأهم
والمهم والثانوي أثناء وضع الخريطة، ولكن يجب أن نراعي الانسجام بين كل المظاهر
والأشكال. حيث ننظمها تنظيما خاصا من الأهم إلى المهم ومن الكبير إلى الصغير مع
اللجوء إلى تعديل كرطغرافي إذا دعت الضرورة إلى ذلك، لإبراز العلاقات بطريقة
منسجمة.
= أنواع التعميـم: التعميم
الكرطوغرافي نوعان: تعميم تصوري وتعميم بنيوي.
ü التعميم
التصوري Généralisation conceptuelle: هو عندما يتم تصغير المقياس بطريقة يصعب التمييز بين الأشكال. في
المرحلة الأولى يتم دمج مجموعة من المظاهر داخل إطار. وإذا تم تصغير المقياس من
جديد، يسمح لنا التعميم التصوري بتمثيل المظاهر بواسطة رموز ليس لها أي شبه مع
المظهر المدروس.
ü التعميم
البنيوي Généralisation structurelle: ويعني الاحتفاظ ببنية الأشكال الحقيقية مهما تم تصغير المقياس.
إذ يمنك حذف الأشياء الصغيرة والاحتفاظ بالأشياء الكبيرة أو جمع عدة عناصر لتكون
وحدة. لكن يجب المحافظة على كل حال على بينية الصورة كما هي في الواقع.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire