مقدمــة: الخريطة كوسيلة اعلامية
1 ــ
تعريفات ومبادئ :
السؤال الذي قد يخطر على بالنا هو ما هي الخريطــة ؟ عدة باحثين
حاولوا الاجابة على هذا السؤال لتوضيح العمل الكرطغرافي على أنه عمل علمي فني
وتقني. والتعريف المتفق عليه حاليا للكرطغرافيا هو " مجموعة من العمليات
والدراسات العلمية والفنية والتقنية هدفها تحضير ووضع خرائط وتصاميم أو أنواع أخرى
من التعبير، وتوضيح استعمالها انطلاقا من دراسات مباشرة أو لاستغلال الوثائق. ومن
خلال هذا التعريف يتضح أن العمل الكرطغرافي ليس عملا عشوائيا بل يرتكز على عمليات
علمية وفنية وتقنية تستعمل رموزا ورسوما منطقية. وهذه الرموز توضع داخل الخريطة
بواسطة ثلاث طرق للتوطن implantation ' mode d: التوطن النقطي، التوطن الخطي
والتوطن المساحي. فكل بقعة لا يمكن أن توضع فوق الخريطة الا بواسطة هذه الطرق
الثلاث والتي بدورها خاضعة لمقاييس علمية دقيقة. اذ لا يمكن أن تتدبدب الا بواسطة
متغيرات بصرية محددة ولا يمكن ان نصغر أو نكبر الا اعتمادا على التعميم
الكرطغرافي. كما أن الكرطغرافي لا ينطلق من عملية مباشرة فوق ورق أبيض وانما تعتمد
على ارضية رسمت مسبقة تسمى بخافية الخريطة Fond de carte . هذه الخلفية تحتوي اساسا
على تحديد المجال ببعديه الاول والثاني (x , y ) ، اضافة الى بعض
المعطيات من البعد الثالث (z) تسمى كلها بالمركب الجغرافي. أما بالنسبة
للعمليات الفنية فهي في غالب الاحيان لا تكون من اختصلص الجغرافي الكرطغرافي الا
اذا كان رساما ماهرا. هذه العملية لها اختصاصيين يسمون برسامو الخرائط. الا أن
الجغرافي لا يمكن ان يتفاهم مع الرسام الا اذا كان ملما بالقواعد الفنية للرسم
التي ينتقيها من القواعد العلمية والتي هي من اختصاصه. أما القواعد التقنية فهي من
اختصاص المطابع، الا أن الكرطغرافي يجب أن يكون ملما بأساليب العمل التقني ليسهل
مأمورية صاحب المطبعة وكذلك مأموريته.
ويتوقف العمل الكرطغرافي على دراسات مباشرة أو
على استغلال الوثائق، لأن هذه العملية أساسية تعتبر نقطة انطلاق العمل الكرطغرافي.
ويمكن تقسيم هذه العملية الى ثلاثة أنواع: الاعتماد على الوثائق فقط كالخرائط
التبسيطية والخرائط الاحصائية، أو الاعتماد على الميدان فقط ويشمل المناطق التي
تكون بدون تغطية، واما يتعلق الامربالاعتماد على الميدان وعلى الوثائق معا. وفي
هذا الاطار يجب توضيح الرموز والرسوم عن طريق استعمال تعابير اصطلاحية موحدة مع
سائر الكرطغرافيين العالميين، وهذا الوضوح يتطلب أن لا تكون عناصر الخريطة مبعثرة
المظهر أو زخرفتها جميلة لكنها غامضة أو وسخة وأن يكون مفتاح الخريطة عبارة عن
تعاريف للرموز وليس تحليلا لها.
والخريطة بصفة عامة هي التمثيل الهندسي
الاصطلاحي للظواهر الملموسة المجردة التي حددت في المجال. وهنا يتعلق الأمر بوثيقة
مرسومة تتبع قواعد وضغوط الادراك البصري، ونستخلص منه كذلك الخصائص والمميزات.
والخريطة يمكن لها ان تكون موثقة بمعنى محفوظة لاستعمالها من جديد، كما يمكن لها
ان تخضع لتعديل أو تتميم أو تصحيح. كما أنها تعتبر وثيقة يمكن مقارنتها مع خريطة
أخرى أو أن تكون مكملة لها في تمثيل المجــــال.
من جهة أخرى تعبر الخريطة دائما عن مجال أو
قطعة منشورة لمساحة الأرض. وبهذا تظهر لنا طبيعة التموضعات وأهمية الظواهر
والمعطيات التي تكون هذا المجال وتنسجم معه، وبالتالي تبني لنا العلاقات المتبادلة
التي تكون الصورة الكرطغرافية؛ اذ ننتهي الى فكرة أن الخريطة هي تعبير عن صورة
لمركبات المجال مصغرة ومرسومة ومختارة. ويعتنبر رسم الخريطة عملية معقدة ورزينة
تبعا للهدف الذي نخصصه لها ألا وهو نقل المعلومات والكشف عنها، اعتمادا على
متغيرات بصرية، حتى نتمكن من معرفتها وادراكها. وعلى هذا الاساس لابد للخريطة أن
تجيب عن الشروط التالية:
·
الخريطة وثيقة
عالمية: ان المعلومات التي تمدنا اياها الخريطة يجب ان تكون مفهومة وواضحة عند كل
قارئ أيا كان سنه ومستواه الثقافي وأصله الجغرافي.
·
الخريطة وثيقة
آنية: ان المعلومات التي نقرؤها على الخريطة والرموز التي تظهرها يجب ان تشاهد في
فترة وجيزة جدا لا تتعدى بعض الثواني.
·
الخريطة وثيقة
بصرية: ان رسم أي خريطة يتطلب طرق وتقنيات
خاصة. فقوانين وضع الخريطة هي قوانين بسيطة لكنها جد دقيقة لكونها تعتمد على قوة
الادراك البصري. والوسائل البصرية هي مرتبطة بطبيعة المعطيات التي توضحها وتعبر
عنها الخريطة.
وأخيرا فان الخريطة كوثيقة للمعلومات
البصرية تعتمد على عنصرين مهمين هما المكان والمعطى، وكل معلومة كرطغرافية الا
وترتكز على هاته الازدواجية. فالمكان هو مكان الظاهرة أو المعطى وفي نفس الوقت هو
تعريف ومقارنة بالنسبة للأماكن الأخرى للمجال، والمعطى هو معلومة رئيسية مسلم بها
منذ البداية ومرتبطة ارتباطا وثيقا بالمكان. بمعنى أنه لا يمكن تقبل توطن معين هو
مكان لا شيء.
2 ــ تركيب
الوثيقة الكرطغرافية :
عندما
نتكلم عن خريطة بألوانها، فاننا نقصد صورة صامتة لمجال ما، مع توطينات ومعطيات
ممثلة في أماكنها الخاصة. فمثل هذه الوثيقة الصامتة غير كافية بالنسبة لقارئها أو
مستعملها لأنها تتطلب عناصر مكملة تمكنها من ايصال المعلومات الى القارئ. وهذه
العناصر والتي تسمى أساسيات الخريطة، هي مهمة وتستوجب كتابة دقيقة وجيدة.
أ
ــ العنــوا ن : يعبر العنوان عن الموضوع العام للخريطة والمجال
الذي تمثله. وهو عنصر أساسي وجب الاعتناء به والاهتمام به. والعنوان يكتب أو يخطط
بأحرف بارزة عن التي تحتويها الخريطة. ويستحسن أن يكتب في الأعلى يمينا أو يسارا
أو في الوسط، بحيث يكون مستقلا عن الخريطة، أي خارج الاطار. كما أن العنوان يمكن
أن يتكون من سطر أو سطرين أونكمله بعنوان مرافق. هذا الأخير يكون أقل سمكا من
العنوان الرئيسي.
ب
ــ المفتــــاح : ويتجلى دوره في اعطاء القارئ مفهوم كل الرموز
والألوان الموجودة على الخريطة. وبهذا فهو يحتوي على قيمين. قسم يضم لائحة لكل
الرموز والألوان موضوعة فوق بعضها على محور عمودي. وقسم يضم تعاريف المعطيات التي
تعبر عنها تلك الرموز والألوان. وهاته التعاريف تكتب بجانب الرموز بطريقة دقيقة
ومفهومة. ويمكن للمفتاح أن يكون مختصرا أو ذا أهمية كبرى حيث يتكون من عدة أقسام
ولكل قسم عنوان صغير. ويوضع المفتاح داخل الوثيقة تبعا للمكان المتبقى في جوانب
الخريطة.
ج
ــ المقيــاس : ان المقياس عبارة عن كسر يمثل العلاقة ما بين
المسافات على الخريطة ومثيلاتها على الطبيعة. ولهذا فرسم خريطة ما يقتضي منا قبل
كل شيء تحديد أساس المقياس الذي سوف نعتمد عليه. وبذلك فكل وثيقة كرطغرافية لا بد
وأن تتضمن اشارة تتعلق بقيمة التصغير الذي توجد عليه الخريطة. وهاته الاشارة
القياسية تظهر على الخرائط بطريقتين مختلفتين. طريقة المقياس العددي ويعبر عنه عن
طريق كسر 1 / 50000 ، وطريقة المقياس الخطي الذي يكون عبارة عن خط مقسم الى
كيلومترات وهو مهم جدا بالنسبة للخريطة لأنه ينسجم مع تصغير أو تكبير الخريطة.
ويوضع هاذان المقياسان اما في أسفل الوثيقة أو عند نهاية كتابة المفتاح أو بجانب
العنوان في الأعلى.
د
ــ عناصــر أخــرى : من بين أساسيات الخريطة هناك عناصر أخرى تتجلى
فيما يلي:
·
الاطــار:
الذي يوجد لتحديد الخريطة اعتمادا على الاحداثيات الجغرافية (خطوط الطول والعرض)
·
الاتجــاه:
الذي يحدد لنا اتجاه الشمال الجغرافي؛
·
الكتابات: هذه
الكتابات يتماشى سمكها مع أهمية المظاهر الطبيعية أو البشرية وكذلك حجم الحروف.
بحيث يمكن أن نميز ما بين "دوار" و "قرية" و
"مدينة" بالأحجام التالية: حجم صغير، حجم متوسط ثم حجم كبير..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire