ا ــ العوامل الطبيعية للدينامية الساحلية:
1ـ تغيرات
مستوى سطح البحر:
يقصد
بمنسوب البحر أبسط صورة للمستوى العام لسطح مياهه، لافتراض عدم تأثره بحركة المد
والجزر أو الامواج. وقد يكون للذبذبة في منسوب البحر بالنسبة لليابس أثرها الكبير
في شكل الساحل. ذلك ا ن اي ارتفاع اوهبوط في مستوى المياه حتى ولو لبضعة سنتمترات
بالنسبة للساحل المنخفض، يمكن ان يسبب تغيرات عظيمة في شكله. وتعرف مثل هذه
التغيرات بالذبذبات الأوستاتية والتي ارتبط معظمها بالتغيرات المناخية التي حدثت
خلال العصور الجليدية من فترة البلايستوسين(الرباعي الاسفل): الدوناو Donau ابتداء
من 2.000000 سنة والغانزGunz ابتداء
من 1.200000 سنة قبل وقتنا الحاضر(البيلايستوسين
الاسفل)، والميندل Mindel ابتداء
من 650000 سنة والغيسRiss ابتداء
من 250000 سنة قبل وقتنا الحاضر (البلايستوسين الأوسط)، و الوورمWurm ابتداء
من 80000 سنة قبل وقتنا الحاضر(البلايستوسين الاعلى)، وبعدها تأتي الفترة ما بعد
الجليدية وهي فترة الهولوسين (الرباعي الأعلى) ابتداء من سنة 10000 قبل وقتنا
الحاضر.
فأثناء
هذه العصور الجليدية انتزعت كميات هائلة من مياه البحار والمحيطات لتتراكم على
اليابس في هيئة غطاءات جليدية ضخمة. وتفرق ما بين هذه العصور الجليدية فترات
بيجليدية أو بيمطرية بالنسبة للمغرب تذوب فيها الجلادات والثلوج فتسيح المياه نحو
البحار والمحيطات لتملأ هذه الأحواض وبالتالي يرتفع منسوب المياه وتغطي مساحات
شاسعة كانت من قبل مكشوفة ومستغلة من طرف الإنسان والحيوان. وبهذا لم يقتصر حدوث
الذبذبات في المستوى النسبي لمياه البحر على العصور الجليدية وحدها وإنما تعداها
إلى العصور التاريخية، بل ويمكن قياسها أو ملاحظتها في وقتنا الحاضر. وقد أمكن
العثور على كثير من الشواهد البشرية الأثرية كبقايا مراكز الاستقرار في العصور
الحجرية والأدلة الثابتة كمخلفات الغابات الغارقة وكلها توجد في وقتنا الحالي. ومن
الشواهد الطبيعية ما يشير إلى ارتفاع المناطق الساحلية، ومنها الشواطئ المرتفعة
والمعلقة والأجراف البحرية القديمة التي تقف الآن بارزة فوق مستوى البحر الحالي.
إن
الفترة البيجليدية ( بيمطرية) التي نعيشها بدات حوالي 13000 سنة وانتهت قبل حوالي
8000 سنة، وتتميز بذوبان الثلوج وارتفاع منسوب سطح البحر إلى حوالي 130 متر. ومنذ
ذلك الحين استقر تقريبا في هذا المستوى الحالي، رغم التغيرات الطفيفة التي همت
الكرة الارضية بسبب أنشطة الشمس التي تعرف تغيرات كل قرن أو قرنين. حيث تنخفض
حرارتها بدرجة أو درجتين كما حصل ووقع خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر وعرف
آنذاك لـ" العصر الجليدي الصغير"، تبعته فترة ساخنة ابتدأت مع بداية
القرن التاسع عشر. وكل هذه التغيرات تبقى حالتها طبيعية وفي توازن طبيعي تام.
إذن تطور
المناخ خلال الفترة ما بيجليدية الحالية سينتهي ببرودة تدريجية مستقبلا بالتناوب
مع فترات ساخنة صغيرة، مما سيؤدي إلى تكوين تراكمات جليدية في شمال العروض
المتوسطة (30°- 50°). من جهة أخرى هو أننا لا نعرف كم تستغرق هذه الفترة
البيجليدية، لكن العلماء يحددونها في 10000 سنة في المتوسط، مع العلم أنها يمكن ان
تصل إلى 30000 سنة.
ويبقى
التذكير بأننا الآن ومنذ النصف الثاني من القرن الماضي نعيش فترة ساخنة تزداد فيها
الحرارة بفعل تزايد الغازات الناتجة عن الانشطة البشرية والتي ساهمت بشكل اكبر في
الزيادة في حرارة الارض والتسريع بذوبان الثلوج وبالتالي ارتفاع منسوب البحر ببعض
السنتميترات.
2 ـ الامــواج
والتيارات المشتقـــة:
الأمواج
إحدى الظواهر الطبيعية الهامة التي تشاهد من وقت لآخر وبصور شتى على المسطحات
المائية: سطح البحر أو المحيط أو فوق سطح مائي آخر مثل البحيرات والأنهار الكبيرة
والخلجان. وهي عبارة عن عملية تموجات لمستويات هذه المسطحات المائية بسبب هبوب
الرياح. حيث أن ظهور الأمواج يبدأ عندما يؤدي الجر الناتج عن احتكاك الرياح بسطح
الماء، وذلك عند منطقة تولد الأمواج أو منطقة الاندفاع الريحي، إلى تكوين تموجات
في اتجاه الرياح. ومع استمرار هبوب الرياح، فإن جانب الموجة المواجهة للرياح يمثل
سطحا يتعرض لقوة دفع الرياح مما يؤدي إلى تحرك الموجة إلى الأمام. وتنقسم الأمواج
التي تتولد بفعل الرياح إلى ثلاث أنواع:
· العباب Houles : عبارة عن ذبذبات تجويفية
تقعرية تنتشر على مسافات طويلة؛
· الأمواج Vagues : تتكون من تموجات محلية
تفوق فترتها الزمنية عن مترين في الثانية؛
· الطبطبات
Clapotis : ناتجة عن تراكب موجتين
متساويتين ومتعاكستا الاتجاه.
وهي إذ
تلعب دورا هاما في التشكيل المورفولوجي للسواحل، فإن للأمواج خصائص من حيث:
ü الطول Longueur : وهو المسافة الأفقية بين
قمتين متتاليتين؛
ü الإرتفاع
Hauteur: ويعبر عن المسافة بين قمة
الموجة وقاع حوضها؛
ü الفترة Période: ويقصد بها الوقت المستغرق
في مرور قمتين متتاليتين على نقطة ثابتة في الثانية الواحدة، ويطلق عليها تردد أو
تكرار الموجة؛
ü الإتجـــاهOrientation : وهو الاتجاه الذي تأتي
منه الأمواج. هذه الخاصية لها أهمية كبرى في معرفة تنقل الرواسب تبعا للتيارات
الموازية والمتعامدة مع الساحل.
وإذا كانت الأمواج لا تتأثر بقاع البحر عند أعماق
تزيد عن طولها، فغنها عندما تقترب من الشاطئ، أي من مياه أقل عمقا، فإن طولها
وسرعتها بنقصان بشكل واضح. وتعرف الموجة تغيرات متعددة نجملها فيما يلي:
vانحراف الموجـــةRéfraction: من الظواهر الرئيسية التي
يمكن مشاهدتها عند دخول الأمواج منطقة المياه الضحلة، انحراف قمم الموجات عند
اقترابها من الشاطئ خاصة عندما يكون شديد الانحدار أو عندما تقترب من حواجز ومكاسر
للأمواج؛
vتشعع الموجــةDifraction: عندما تصطدم الامواج
بحاجز ممتد في مياه البحر مثل حواجز الامواج، فإن طاقة الموجة تمر خلف هذا الحاجز،
وعادة ما تتجه الأمواج إلى الإلتفاف حوله، وذلك بسبب الإنتشار الجانبي لطاقة
الموجة على طول قمتها؛
vانعكاس الموجــة (ارتدادRéflexion): عندما تصطدم موجة ما
بحاجز، فإنها ترتد وتنعكس إلى الخلف، مكونة زاوية تجمع ما بين الخط العادي وخط
اتجاه الموجة الساقطة؛
vتكسر الموجــةDéferlement: عندما تقترب الموجة من
الشاطئ يقصر طولها ويشتد انحدارها وتحتك بالقاع، وتتحول الحركة الدائرية بجزيئات
الماء إلى حركة بيضاوية سريعة تندفع نحو اليابس. وفي النهاية تنهار مقدمة أو جبهة
الموجة لعدم وجود دعامة ترتكز عليها وبذلك يحدث ما يعرف بالإنكسار.
من جهة
أخرى تصطحب الحركة المتذبذبة للامواج تنقل جماعي للرواسب نحو القارة متعامدا مع خط
الساحل، وبالتالي توافق هذه الحركة انتقال الحبيبات من حالة مستقرة إلى حالة
متذبذبة وعالقة. كما أن انكسار الموجة فوق الشاطئ يؤدي إلى امدادات للمياه على
الساحل وبالتالي إعادتها من حيث أتت بفعل الجاذبية، من طرف تيار تراجعي Courant
de retour يسحب كتلا رملية هامة نحو
البحر. كما أن هناك حركات تنقل للرواسب موازية للشاطئ عندما تكون الموجة مائلة مع
خط الساحل بدرجة تتراوح ما بين 10° و 45°. فهذا التوازي يخلق لنا تيارا جانبيا
يسمى بالتيار الفتاتي أو تيار الإزاحة .Dérive
littorale
3 ـ المد والجزر (التراقص اليومي):
عبارة عن حركتي ارتفاع وانخفاض لمياه البحار
والمحيطات بتتابع يومي منتظم يتكرر فيه كل منهما مرتين (تراقص نصف يومي) أو مرة
واحدة (تراقص يومي). وهذه الحركات ذات أهمية كبيرة في الجيومورفولوجية الساحلية
لأنها تؤدي إلى حدوث تغييرات منتظمة في مستوى ماء البحر أو المحيط على طول امتداد
السواحل. كما ينجم عن هذه الحركة تيارات مدية تندفع في القنوات الساحلية أو في
مصبات الأنهار الضيقة بسرعة كبيرة.
إن التراقص اليومي يعبر ببساطة عن تذبذبات في
مياه الأحواض المحيطية ترتبط جزئيا ببعض الخصائص الأخرى مثل حجم وشكل الحوض. ويتم
قياس حركة المد والجزر على السواحل بواسطة مقياس المد الذي عادة ما يوجد في
الموانئ البحرية. ونظرا لأن حركة التراقص اليومي على السواحل تتبع في شدتها أوجه
القمر المختلفة في السماء أثناء الشهر القمري، فإن التسجيل يبدأ بعد ظهور القمر
وعند اكتماله بدرا. حيث أن الشمس والقمر والأرض عندما تكون واقعة في مستوى واحد،
عندئذ تتظافر الجاذبية الشمسية مع جاذبية القمر في حدوث زيادة ارتفاع المد وزيادة
انخفاض الجزر ويسمى بالمد والجزر المحا قي، لأنه يحدث مرتين في الشهر القمري
إحداهما في أوله والثانية في منتصفه. وينخفض المد والجزر إلى أدنى مستوى لهما
عندما يكون القمر تربيعا، أي في الربع الأول والربع الأخير للقمر. وبذلك يكون
اتجاه جاذبية الشمس عموديا على اتجاه جاذبية القمر فيضعف أثرها.
يمكن التذكير بان التراقص الأكبر يصل إلى أكبر
مداه في الاعتدال الخريفي والاعتدال الربيعي(شتنبر- مارس)، ويصل إلى أدنى مداه في
الانقلاب الشتوي والانقلاب الصيفي (دجنبر – يونيو).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire