التجويـــــــة:التجوية هي عبارة عن استجابة ذاتية من جانب الصخور لعناصر الطبيعة من ماء وهواء وكائنات عضوية عند تلامسها، أو بالأحرى هي نوع من التلاؤم أو التكيف الصخري لظروف بيئية متغيرة. هذا التلاؤم والتكيف الجديد يعمل على تفتيت أو تحلل الصخور. وتصنف عمليات التجوية إلى نوعين: تجوية ميكانيكية وتجوية كيماوية.تمثل التجوية الميكانيكية عدة أنواع مرتبطة من جهة بالعامل الخارجي المسؤول عنها ثم بطبيعة الصخر نفسه، مما يؤدي إلى بروز نماذج من التعرية منهـــا:1 – التهشيم بواسطة التباين الحراري Thermoclastie :عندما تكون الأجراف الساحلية مكونة من صخور تسمح صلابتها بتأثير للحرارة على عمق 5 سنتم، فإن التمدد الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة والتقلص الذي يليه بعد انخفاضها يهم فقط الخمس سنتيمترات السطحية. في حين يبقى الجزء البعيد عن التأثير السطحي للحرارة سالما. ينتج عن هذه العملية تقشير Exfoliation/ Desquamation للجزء السطحي من الصخرة موافق لعمق تأثير الحرارة. وتبقى هذه الخاصية تميز الصخور ذات النسبة الفلزية الدقيقة والمنسجمة مثل الكلس والطفــل. أما الصخور التي تتباين الفلزات المكونة لها، أي التي تحتوي على حبيبات غير متماسكة وغليظة، فإنها تتفكك بسهولة بواسطة التهشيم الحبيبي كحالة صخور الأعبل والحث.2 – التهميـش بواسطة تجمد الماء Cryoclastie :يؤدي انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر إلى تجميد الماء الذي يصاحبه تضخم في حجمه. ويرافق هذه العملية ضغط لبلورات الماء المتجمدة داخل المسام الصخرية على الحبيبات يقدر بحوالي 15 كلج/سنتم². هذه القوة الضاغطة تؤدي إلى تهشيم الصخرة، وذلك تبعا لنوعيتها وخصائصها البيولوجية والجيوتقنية. فالصخور ذات النفاذية المرتفعة ودقيقة الحبيبات مثل الصخور الطباشيرية، تتهشم بفعل تجميد الماء على شكل ذرات دقيقة أو دقة. أما الصخور شديدة الرشحان والتي تتميز بمسام كبيرة، فإنها أقل تأثرا بهذا النوع من التعرية نظرا لأن مسامها لا تمتلئ كلية بالماء. وتبقى بداخلها فراغات تسمح باستيعاب الضغط دون التأثير على تماسك الصخر. وخير مثال على ذلك صخر الكلس التجويفي.أما الصخور شديدة التماسك الذي لا يستطيع الضغط المسامي أن يهشمها، فإنها تتفكك مع ذلك بفعل طبيعة بنيتها الجيولوجية. إذ غالبا ما تتخللها شقوق وصدوع يستغلها الماء المتسرب. لكنها تصبح في المناطق الباردة محاور للضغط يمتد داخلها الماء المتسرب ويؤدي إلى ضغط مرتفع على طول الصدوع والشقوق، فتتفكك على إثره الصخرة إما على شكل جلاميد صخرية كبيرة أو على شكل حصى عوض الدقة والذرات التي سبقت الإشارة إليها بالنسبة للصخور الكلسية الطباشيرية. وأحسن مثال على هذا النوع هو الكلس .....3 – التفكك المرتبط بالأملاح الذائبة في الماء:إن المناطق الساحلية تعرف حمولة مياه تحتوي على نسبة كبيرة من الأملاح الذائبة. هذه المياه المحملة بالأملاح تدخل الشقوق والمسام وتتبلور بعد جفاف الماء، أي ترجع إلى حالة صلبة، ويؤدي ذلك إلى تهشيم الصخر بفعل ضغط البلورات الملحية على جوانب الصخر بفعل انتفاخها وتشبعها برطوبة الجو، وبالتالي ازدياد حجمها والضغط على الصخرة المتصدعة من الداخل والمساهمة في تفكيكها.4 – التأثير الميكانيكي للنباتات والحيوانات:إن التأثير الميكانيكي للنباتات غالبا ما يكون مصدره الجذور المعروفة ب"الفانيروفيت" Phanerophytes . وغالبا ما تتوفر هذه النباتات على قاعدة من الجدور متناسبة مع جزئها الظاهر الذي يفوق 2 متر، ويصل في بعض الأحيان إلى أزيد من 100 متر بالنسبة للأشجار الضخمة مثل السيكويا 142 متر بكاليفورنيا أو الأوكاليبتوس الأسترالي 140 متر. على أي فإن الجدور يمكن أن تصل إلى عمق متر واحد وقد تصل إلى عمق 6 أمتار من المستوى الظاهر للنبتة. إلا أن انتشار عناصر جدر النبتة لا تقتصر على الإتجاع العمودي ولكنها تنتشر أفقيا كذلك بواسطة جذور فرعية تعرف بالجذور الخطية والتي غالبا ما تنته/ تنقض برؤوس دقيقة محملة بألياف شعرية تقوم بمهمة امتصاص الماء. هذه الجدور تقوم بتفكيك الصخر عن طريق تسربها في كل الإتجاهات، مما يؤدي إلى أن يتخذ التفكيك هيئة شقوق تهم غالبا شكلا دائريا يوافق جزءه الأعلى الجذور الأفقية شبه السطحية، ويمثل جزءه الأدنى نهاية الجنث Pivot .كما أن بعض الحيوانات والحشرات لها قدرة كبيرة على قلب الأرض وتغيير تنظيمها الأصلي. فالديدان والطحالب والرخويات وقنافذ البحر تحفر جحورها وخنادق وكهوف صغيرة في التكوينات الكلسية والحثية والطفلية والصلصالية الموجودة على الساحل. مما يؤدي إلى إنشاء شبكة من الممرات التي لا تظهر على السطح باستثاء فتحات التهوية والمخارج، ولكنها تتحكم بكيفية رئيسية في جريان الماء. وكل هذا التأثير يساهم في تفكيك الصخر وبالتالي تفتيته إلى حصى وحصيم ورمال.
ج ــ نتاج التجوية ومكونات الشاطئ:
ينتج عن التجوية تكوينات سطحية غير متطورة، يتباين حجم عناصرها تباينا يعكس طبيعة الصخر من جهة ونوع التجوية من جهة أخرى. إلا أن الذي يبرز حقيقة نوع التعرية المسؤولة عن التفكك هو شكل العناصر المفككة قبل حجمها.
فهناك عدة مصطلحات تميز مختلف الأطوال والأشكال ضمن الجدول التالي:
نوع التكوين
|
مميزاته
| ||
بالعربية
|
بالفرنسية
|
الطول (ملــم)
|
الشكــل
|
الجلاميد
|
Blocs
|
أكثر من 200ملم
|
متنوع
|
شظايــا
|
Fragments
|
100 – 200mm
|
حاد الزوايا
|
حجـارة
|
Cailloux
|
50 – 100 mm
|
متنوع
|
حصـــى
|
Galets
|
20 – 50 mm
|
متدملك
|
حصيـــم
|
Graviers
|
2 – 20 mm
|
متنوع
|
رمـــال
|
Sables
|
0.05 – 2 mm
|
متنوع
|
دقــــة
|
Limons
|
0.001 ـ 0.04
|
حاد الزوايا
|
وحــل
|
Vases
|
أقل من 0.001
|
حاد الزوايا
|
نلاحظ بأن الجلاميد الصخرية التي يفوق طولها 200 ملم تنتج بالأساس عن التهشيم بواسطة التباين الحراري أو دور الأملاح وذلك حسب اتجاهات موافقة للصد وع والشقوق الموجودة بالصخر، بالإضافة غلى تركيبها وخصائصها الجيوتقنية. أما الحجارة والشظايا والحصى فتعتبر نتاجا مشتركا بالنسبة لجميع أنواع التفكك الميكانيكي. بحيث يمكن مصادفته في حالة التفكك بواسطة المدى الحراري أو الجمد أو بفعل تسرب جذور النباتات. لكن أهم مصدر لهذا النوع هو الجمد، إذ أن المناطق شبه الجليدية تزخر بالحجارة والحصى التي تكسو الصخرة الأم وتحجبها.
يؤدي تهشيم الجلاميد والشظايا والحجارة الصخرية إلى إعطاء عناصر ادق لا يتعدى طولها 20 ملم تعرف باسم الحصيم، كما يمكن أن يكون مصدر الحصيم التفكك الميكانيكي الأصلي للصخرة الأم.
أما الرمال التي تميز في غالب الأحيان الشواطئ والكثبان الرملية فإنها تتراوح ما بين 0.05 ملم و 2 ملم ومصدرها متنوع من التفكك الميكانيكي إلى التفسخ الكيماوي، سهلة التعرض لنقل ريحي له قوة مناسبة مع حجمه. ويمكن تقسيم هذه الرمال الشاطئية في حالة العمل والتجربة بالمختبر إلى فئات كما يلي:
فئة الرمال
|
حجمها (ملم)
| |
1
|
رمال جد دقيقة
|
0.04 ــ 0.125
|
2
|
رمال دقيقة
|
0.16 ــ 0.25
|
3
|
رمال متوسطة
|
0.315 ـــ 0.5
|
4
|
رمال غليظة
|
0.63 ــ 1
|
5
|
رمال غليظة جدا
|
1.25 ــ 2 ملم
|
وفي الأخير هناك فئة الدقة والوحــل، وهي عناصر دقيقة جدا لا يتجاوز طولها 0.04 بالنسبة للدقة و0.002 (أي 2 ميكرون / الميكورن = 1 ملم / 1000) بالنسبة للوحــل. ويرجع مصدرها إلى جميع أنواع التجوية السابقة الذكر (الميكانيكية والكيماوية). ويبقى التمييز المدقق بين مختلف هذه العناصر من شان الدراسة المخبرية؛ فبواسطة غرابيل tamis خاصة لها فتحات متدرجة يمكن التمييز بين عدة أنواع من الرمال والحصيم والحصى، إضافة إلى الدقة والطين التي يستعمل لفصلهما ملاحظة سرعة سقوط الأجسام داخل السوائل وذلك اعتبارا لدرجة الحرارة والضغط الجوي.
من جهة أخرى تتميز المفتتات الصخرية السالفة الذكر بأشكال متنوعة، فهي إما متدملكة أو حادة الجوانب أو متنوعة. ويقصد بالمتنوعة جملة من المفتتات المتواجدة بمكان معين، لها خصائص شكلية متباينة تبرز من خلال تفحص مكسرها نوع التفكك الذي تعرضت له، كما تبرز تصدرها إذا أضفنا إلى دراسة الشكل طبيعة الصخر ونوعيته. أما المفتتات الحادة الجوانب التي يمكن أن تحمل اسم شظايا صخرية، فتبرز جليا أكثر من سابقتها نوع التجوية التي أصابتها نظرا لأن آثار الكسر لا زالت واضحة ولم تندثر بفعل عملية الاحتكاك الناتجة عن جر ونقل هذه المفتتات. النوع الأخير هو التدملك، ونقصد به الحصى والحجارة الصخرية التي تعرضت لعملية نقل من طرف الجريان المائي وأدى ذالك إلى إزالة آثار مكسرها الأصلي، وتحويلها غلى شكل مهذب يغلب عليه التقوس.
بالنسبة للرمال الشاطئية والكثبان الرملية، فدراسة الأشكال Morphoscopie تتم في المختبر بواسطة المجهــر الذي يبرز ما إذا كان الرمل ذي شكل دائري كامد Rond mat أو مدملك براق Emoussé luisant أو شبه زاوي براق Sub-anguleux luisant أو غير متأثر Non usé، أو تعرض لعمليات أخرى كالنخر الكيماوي وغير ذلك من الحالات التي تبرز جليا ظروف توضعه والتطورات التي عرفها خلال تنقله أو استقراره.
أما المفتتات الدقيقة جدا (الدقة، الوحل والطين) فدراستها جد صعبة نظرا لما تتطلبه العملية المخبرية من معرفة خصائصها الكيماوية بواسطة آلة "الأشعة السينية"، هذه الأشعة التي تنعكس على فلزات المفتتات لتعطينا مجموعة من
الأنواع الغروية والطينية، مصدرها وتطورها وتوضعها
الأنواع الغروية والطينية، مصدرها وتطورها وتوضعها
2 ــ أصل رواسب الشاطـــــئ:
ترتبط طبيعة رواسب الشواطئ ارتباطا وثيقا بطبيعة وخصائص المواد المشتقة من الجروف المطلة على الشاطئ والمناطق القارية القريبة، إلى جانب ارتباطها بقوة الرواسب القادمة من أعماق البحار والمحيطات.
فالشواطئ الحصوية توجد حيث تتميز التكوينات الصخرية بتفتتها في أحجام كبيرة نسبيا مثل الشظايا التي تنتج عن وجود طبقات رقيقة صلبة في صخور رسوبية أو تكون المفتتات ناتجة من صخور الكونكلوميرا الساحلية أو مشتقة من صخور نارية كثيرة الشقوق والمفاصل. وتستمد الشواطئ الحصوية كذلك مكوناتها من الرمال التي تم تلحيمها وتحجيرها عبر فترات الزمن الثالث والرباعي القديم، فأدت التعرية إلى تراجع جروف الحجر الرملي وتحرير مجموعة من الحصى والحصيم,
وقد تأتي الرمال إلى الشاطئ بواسطة الأنهار مثلما الحال في أغلب شواطئ العالم، حيث تتكون الشواطئ من رمال ومفتتات من أصل نهري نقلتها الأنهار إلى الساحل وترسبت على جوانب شواطئه عند أقدام الرؤوس والأجراف.
وقد تمكنت التجارب المخبرية والميدانية من التأكيد عن إمكانية نقل الرمال من قاع البحر القريب من الشاطئ بواسطة الأمواج. فقد تنقل هذه الأخيرة الحبيبات حسب حجمها وشكلها وكثافتها نحو الشاطئ من عمق يصل إلى تسعة أمتار، وقد يصل في بعض المحيطات إلى عمق أكبر من ذلك.
وبصفة عامة فإن الشواطئ الرملية تشتق مكوناتها الرسوبية من ثلاث مصادر رئيسية: الرواسب النهرية، الأجراف الساحلية المتراجعة، الرواسب الآتية من قاع البحر مع التأكيد على أن هناك كميات من الرمال قد تنقل من اليابس في اتجاه المياه البحرية بفعل الرياح القارية.
أ ـ النحت البحري: يوجد تباين كبير في أهمية التحت البحري كمصدر للرواسب من بيئة إلى أخرى. ففي بيئة الأمواج العاصفة ذات الطاقــــــة المرتفعة، تجد أن هجوم الأمواج على الصخور الساحلية المفككة أو على المواد التي يسهل عليها احتجازها يؤدي إلى وجود كميات كبيرة من الرواسب الموضعية أوالمحلية رديئة التصنيف. وفي بيئة الأمواج المعتدلة والمنخفضة والسواحل الصخرية المتماسكة، تقل كمية الرواسب حيث يكون النحت المائي بطيئا على سواحل الحجر الرملي و الصخور النارية مثل الكرانيت، الذي يعد مصدرا رئيسيا للرمال الكوارتزية.
شكل رقم : الميزانية الرسابية لشاطئ طبيعي
ب ـ النحت الأرضي: تأتي الرواسب إلى الساحل بواسطة عدة عوامل أرضية، مثل رواسب الأنهار والإنهيارات الأرضية والرواسب الريحية وغيرها. وتعد الأنهار المصدر الرئيسي لرواسب الشاطئ على معظم سواحل العالم، بحيث أنها تغذي الشواطئ بنسبة تصل إلى أكثر من 60% من الرواسب. وتختلف نسبة الرواسب هذه من منطقة إلى أخرى. ففي العروض المدارية تزداد نسبة الرواسب النهرية وتقل شيئا فشيئا كلما توجهنا نحو العروض العليا حيث نجد حمولة الأنهار قليلة. أما الإنهيارات الأرضية بأشكالها المختلفة تمد السواحل ببعض المواد المفتتة التي تتميز بأنها غير مصنفة، خاصة ما ينتج منها بسبب الإنزلاقات الأرضية. وإن كانت الأمواج والتيارات الشاطئية لها القدرة على تعديلها وتصنيفها على أساس الحجم والكثافة النوعية. ومن أهم مناطق نشاط العمليات الأرضية نجد السواحل السيبيرية حيث تنشط عمليات انزلاق التربة نحو البحر والمحيط فيقوم الجليد بنقل المواد الصخرية بكميات ضخمة إلى البحر.
ج ـ قاع البحر: يعد قاع البحر المتاخم للمنطقة الشاطئية مصدرا للرواسب والتي تأتي إلى الشاطئ من مسافات قصيرة بواسطة الأمواج. وتعتبر هذه التكوينات في الأصل نهرية نقلت أثناء العصر الجليدي إلى تلك المناطق عندما كان مستور سطح البحر أخفض من مستواه في الوقت الحاضر بعشرات الامتار، حيث انسابت الأنهار عبر السهول الساحلية المغمورة حاليا. وتعتبر بقايا وشظايا الأحياء البحرية المترسبة على الشاطئ دليل على حركة تنقل الرواسب والمفتتات من الرصيف القاري نحو الساحــل.